<br />أروي لكم عن قصةٍ للمصطفى<br /> إذ قام يومًا في الجهادِ مُنظما<br /><br /> رص الصفوفَ كما الصلاةُ تصفُهم<br /> فكأنهم بُنيانُ سدٍ أُحكما<br /><br /> وتجول المختارُ بين صفوفِهم<br />فإذا بشخصٍ بينهم متقدما<br /><br /> قد غيرَ الصفَ القويمَ خروجُه<br /> نَظر الرسولُ إليه ثم تبسما<br /><br /> وبعودٍ غصنٍ للصفوفِ أعادهُ<br /> وأعاد للصف القويمِ تقوما<br /><br /> قال الفتى في رقةٍ وتمسكُنٍ<br />يشكو إلى المختارِ منهُ تألُّما<br /><br /> آلمتني بالعودِ يا خيرَ الورى<br />فاستغرب الجمعُ الغفيرُ وهمهما<br /><br /> ما ظنكم ماذا يكون جوابُه<br />هذا رسولٌ حازَ خلقًا عُظّما<br /><br /> فتأملوا في قائدٍ ومجندٍ<br />قد أزهر الإسلامُ حبلًا فيهما <br /><br />هذا محمدُ كاشفا عن بطنه<br />تَفديهِ روحي مُرسلًا ومعلما <br /><br />يُعطيهِ ذاكَ العودَ دون تردُدٍ<br />ويقولُ خُذ مني القِصاصَ مُسلما<br /><br />وإذا به في لهفةٍ وتشوقٍ <br />و كأنه يروي الفؤاد من الظما<br /><br /> يجثو سوادٌ كي يضُم حبيبه<br />لم يستطع من شوقِه أن يُحجما<br /><br /> ويُعانقُ البطنَ الشريفَ بوجههِ<br />مُتبركًا مُتمرغا كي يغنما<br /><br /> يا سعدَهُ قد نالَ حظًا وافرًا<br />أصْغو إلى ما قال حين تكلمَا<br /><br /> يا سيدي إني خرجتُ مجاهدًا<br />و عدوُّنا جيشٌ يسيرُ عرمرما <br /><br />لا علم لي إن كنتُ أُمسي بينكم<br />حيًا لعلي أو قتيلًا ربما <br /><br />فإذا قُتلتُ فلستُ أدري موئلي<br /> في جنةٍ أو في سعيرٍ أُضرما<br /><br /> لكنّ جلدي مسَّ جلدَك علّني<br /> أمضي وجلدي عن جهنمَ حُرما<br /><br /> صلى عليكَ اللهُ يا خيرَ الورى<br />قدْ صارَ حبُك في شرايني دمَا